٠ Persons
٥ يونيو ٢٠١٢ - ٢١:٢٥

خبراونلاین – لقد بات العالم بین خیارین، اما التعایش مع برزخ سوریا او الدخول فی جحیم المنطقة.


محمد رضا نوروزبور
ان الزیت الذی صبته البلدان الدخیلة فی المنطقة على النار المتأججة للمعارضة فی سوریا بحیث بات الیوم لهیبها یستعر شرارا یحرق الارواح ویشتد اکثر فاکثر لیدخل مراحل متقدمة تاتی على حصد ارواح اکثر وتحیلها رمادا. ویبدو ان لا امل فی اخماد لهیب هذه النار. لکن لا شک ان مسار شن الهجوم العسکری الذی سیوضع تدریجیا على جدول اعمال البلدان الغربیة من الممکن ان یؤجج لهیب هذه النار اکثر واکثر.
من هذا المنطلق یبدو ان ای مساعی عدا ما یبذله کوفی عنان ستسهم فی العمل على استعار هذه النار ولیس اخمادها. ان البعض الذین یعتقدون ان الهجوم العسکری على سوریا او ارسال القوات، ارسال المعدات والعتاد الحربی او المساعدة المالیة لمعارضی الاسد، سیسهم فی مساعدة ابناء هذا البلد اما انهم جهلة او مراؤون یسعون من خلال اطلاق شعارات المساعدة والاصلاح التی تخدع العامة، الى العمل بشکل خفی وسری على تفعیل سیناریو اشعال المنطقة بغرض تحقیق مآربهم السیاسیة والاقتصادیة.
ان ایصال سوریا الى الفلاح یبدو امرا مستبعدا تقریبا، لکن لا شک اذا ما کان طریق العودة مغلقا فان طریق التقدم نحو الامام مفتوح. انهم عندما یلقون نظرة على المستقبل فانهم سیقدمون الشکر على الوضع الراهن. سواء انهم یعلمون او انهم یتوقعون ومنذ البدایة ان الوقوف الى جانب المعارضین المسلحین فی بلد تبتنی رکائزه على قضایا امنیة شدیدة ومعقدة لن یسفر عنه سوى عن کوارث مثل قتل الابریاء ، حرب داخلیة او حرب اقلیمیة واسعة النطاق.
ان ما یحدث فی سوریا لا یدور حول معرفة من هو المقصر او الضالع فی الامر. ان مرتکبی جریمة الحولة سواء کانوا من جانب الحکومة او المعارضین المسلحین بات موضوعا ثانویا. ان معارضی الاسد هم على درجة من العنف والتعصب بذات درجة انصاره وان الاجواء مهیأة للتدخل العسکری بنفس مقدار فاعلیة المجموعات الارهابیة المسلحة التی تنشط فی سوریا بمختلف النوایا والاغراض.

ان النبأ الاسوأ لمعارضی الاسد هو انه لیس من المقرر ان یأتی احد لمساعدتهم، حتى ان الهجوم العسکری المحتمل وای نوع من المساعی خارج اطار مجلس الامن الدولی الذی تتحدث عنه الیوم القوى الغربیة لن یجدیهم نفعا. بالطبع یعتبر عدم التدخل العسکری من قبل القوى العظمى خبرا جیدا لان ای جهود بصدد تشدید العسکرة فی سوریا ستسهم فی ایجاد جحیم اقلیمی لیس باستطاعة احد تحمله ومواجهته.
ان آخر مساعی کوفی عنان الرامیة لتحقیق خطته ذات المحاور الستة تتمحور هی ایضا حول هذا الموضوع. صحیح ان الکل یسعى للحیلولة دون تدهور الاوضاع. حتى ان عدم تدخل الناتو عسکریا وکافة القوى الغربیة فی سوریا لیس بسبب خشیة روسیا، بل هناک افتراضان تم اخذهما بالحسبان ما ادى الى استبعاد الهجوم العسکری على سوریا.
الافتراض الاول اذا تصورنا ان جمیع القوى الغربیة العظمى هی حقا قلقة على الشعب السوری وانها من ادعیاء ایجاد الامن والاستقرار فی هذا البلد، وان عدم مهاجمتها لسوریا هو بسبب فقدانها لمعالم التوصل الى مخرج للازمة او حتى اذا کان ذلک بحوزتها فان معالمه قاتمة وضبابیة ولا یتناسب مع اهدافها. ان مجرد الهجوم على سوریا وقتل او اسقاط الاسد لیس بالعمل الصعب على الغربیین لکن مع رحیل الاسد لیس واضحا ای قدرة او قوى بعیدة عن الذهن ستسیقظ وای تداعیات ستصیب دول جوار هذا البلد التی تعد ومن باب الصدفة من حلفاء امیرکا الاستراتیجیین فی المنطقة. ان ای هجوم على سوریا اذا ما کان له جانب ایجابی واحد، فان له عدة جوانب سلبیة على اسرائیل، ترکیا، لبنان وحتى العراق بحیث ان الامیرکان اخذوا فی الحسبان هذه التداعیات وحتى انهم حسبوا حسابا لها فی المستقبل.
الافتراض الثانی اذا تصورنا ان القوى الغربیة العظمى تتعاطى مع موضوع سوریا من منطلق الریاء ، عندها سندرک ایضا اسباب عدم شنها الهجوم على سوریا حتى الان وحتى انها لن تقدم على هذه الفعلة فی المستقبل القریب لان ضمان اهدافها یفرض علیها ابقاء سوریا فی حالة برزخیة. طالما تم ارتکاب جریمة ضد الانسانیة فی الحولة حینها لن یکترث احد بجرائم اسرائیل الیومیة فی غزة، الضفة الغربیة وتسریع عملیات الصهاینة فی تهوید القدس وتوسیع الاستیطان. طالما تتصدر اخبار طرد الدبلوماسیین السوریین من هذا البلد وذاک وخروج اسرائیل من اولویات الاخبار العالمیة فان جزءا کبیرا من المصالح الامیرکیة سیتم ضمانه. طالما کانت حرب توجیه الاتهامات بین الحکومة والمسلحین فی سوریا مشتعلة حول قتل الابریاء عندها لن یکترث احد بانتهاکات حقوق الانسان فی البحرین ولن یسمع احد صرخات شعبها. طالما کان موضوع شن الهجوم العسکری او عدم شنه محور نقاشات المنظمات الدولیة فان موضوع المشاکل الداخلیة للدول الاوروبیة جراء الازمة الاقتصادیة حتى فی بلدانها بات موضوعا ثانویا.
لذلک مع الاخذ بعین الاعتبار لکل هذه المصالح والاضرار لکلا الافتراضین یبدو ان الحفاظ على الوضع الراهن فی سوریا ای حالة البرزخ من قبل القوى العالمیة امر مطلوب جدا بدلا من مواجهة جحیم المنطقة.

30349

 

رمز الخبر 182395